مرکز البحوث و الدراسات الفلکیة
763
|
استفتاءات حول الهلال |
1441/10/14
965
|
طباعة
السؤال: ذكر سيدنا (دام ظله) أن الهلال لا يثبت بإخبار الفلكيين ، مع أن علم الفلك يقوم على أسس علمية متينة وحسابات رياضية دقيقة ، ونسبة احتمال الخطأ فيها لا تكاد تذكر ، ولا يزال الفلكيون يعدّون جداول شروق الشمس والقمر وسائر الكواكب السيّارة المعروفة في المجموعة الشمسية، ويلاحظ أنها في نهاية الدقّة بحيث لم تتخلف عن الواقع ــ وعلى الأقل خلال هذا القرن ــ ولا مرة واحدة .وأيضاً أن أرصاد علماء الفلك بخصوص وقت دخول القمر في المحاق وخروجه والوقت المحدّد لرؤيته ومقدار بعده الزاوي مقاساً بالدرجات القوسية عن الشمس ومقدار ارتفاعه فوق الأفق مقاساً بالدرجات القوسية و رصد بعده الأقصى عن الأرض و بعده الأدنى عنها كلها معلومات دقيقة يقينية معروفة لعلماء وطلاب علم الفلك وليست من قبيل الظنيات. وعلى ذلك فلماذا لا يتم الاعتماد على إخبار الفلكيين الثقات عن ولادة الهلال للحكم بدخول الشهر الجديد؟
الجواب: إن المستفاد من الأدلّة الشرعية كون العبرة في بداية الشهر القمري بظهور الهلال على الأفق بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة لولا الغيم ونحوه من الموانع الخارجية ، فلا تكفى ولادة الهلال وكونه موجوداً على الأفق ولكن بنحو غير قابل للرؤية مطلقاً أو بنحو غير قابل للرؤية إلا بالأدوات المقربّة والرصد المركّز.
وعلى هذا الأساس فإن إخبار الفلكيين عن ولادة الهلال وخروجه عن المحاق مما لا ينفع في الحكم بدخول الشهر القمري الجديد وإن كان معتمداً على الحسابات الرياضية القطعية .
وأما إخبارهم عن إمكانية رؤية الهلال بالعين المجرّدة في مناطق معينة إما مطلقاً أو في الأجواء المثالية ــ كما يعبّرون ــ فهو يعتمد على عنصرين :
أحدهما : المحاسبات الفلكية الخاصّة بوضع الهلال في تلك المناطق ، أي من حيث عمره ودرجة ارتفاعه عن الأفق ومقدار بُعده الزاوي عن الشمس ونحو ذلك من العوامل المؤثرة في الرؤية .
وثانيهما : التجارب الفلكية المعتمدة على رصد الهلال ميدانيّاً للتحقق من أدنى الشروط المطلوبة لرؤيته بالعين المجرّدة ، أي من حيث العمر والارتفاع والبعد عن الشمس وغير ذلك.
وهذا ما اختلفت بشأنه آراء الفلكيين ، مثلاً بنى بعضهم على إمكانية رؤية الهلال وهو بعمر (١٤) ساعة في حين اشترط آخرون أن يكون في الحد الأدنى بعمر (١٦) ساعة ، وقال بعضهم (١٨) ساعة وقيل غير ذلك. وأيضاً ادّعى بعضهم إمكانية رؤية الهلال وهو بارتفاع (٤) درجات على الأفق حين غروب الشمس ، وقال آخرون أن الحد الأدنى من الارتفاع المطلوب لرؤيته هو (٥) درجات ، وقال جمع أنه (٦) درجات وقيل غير ذلك ، وهكذا الحال في سائر العوامل المؤثّرة في الرؤية .
وعلى ذلك فلا سبيل للمكلف إلى الأخذ بإخبار الفلكيين من إمكانية رؤية الهلال في منطقة كذا وكذا مما لا يتأكد من ظهور الهلال فيها بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة ، للنصوص الدالة على النهي عن الاعتماد على الرأي و التظني في أمر الهلال كقول الباقر (ع) ( إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا وليس هو بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية) (١).
نعم إذا حصل للمكلّف العلم أو الاطمئنان ــ ولو من خلال التجربة والممارسة ـ بأن الهلال الموجود على الأفق المحلّي بحجم كذا وبارتفاع كذا وبسائر الخصوصيات المؤثرة في الرؤية قابل لأن يُرى بالعين المجردة وإنما لم يُرَ بسبب السحاب أو الضباب أو الغبار أو نحوها يلزمه العمل بموجب ما حصل له من العلم أو الاطمئنان .
---------
(١) تهذيب الأحكام ج٤ ص ١٥٦ .
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
----
https://www.sistani.org/arabic/qa/0483/